خطاء الدور الإقليمي والدولي

يمنات
حضرة ..المجتمع الإقليمي والدولي
السادة .. كل المهتمين بالشأن اليمني
نود التنويه ولفت انتباهكم إلى مسألة في غاية الأهمية ترتبط بحقيقة الدور الذي تقومون به في اليمن، ففي حين كان الشعب اليمني يتقدمه طلائع شبابه قد انطلق للخلاص من ماضي الحصار والإقصاء و حسم خياراته في التغيير متجها لتقديم التضحيات وتحمل الشعب أقصي المشاق خلال العاميين الماضيين في سبيل الانتصار لخياراته هذه، متجاوزا كل العراقيل التي حاولت أن تعترض مساره في إصرار نضالي سلمي أذهل العالم.
وعندما وجد الشعب اليمني التوجه الدولي والإقليمي حاضرا في المشهد تعاطى معه على أساس دوره الايجابي على اعتبار الصورة التي قدم نفسه من خلالها لمساعدة اليمنيين في انجاز تحول ديمقراطي يلبي مطالب التغيير التي نادى بها الشباب الحيً عبر ساحات الثورة وميادين التغيير، الشباب الذي أنهكته حسابات الأصولية السياسية ودمرته سياسات منظومة الحكم الفاسدة لتحوله إلى طاقات معطلة ومهدرة، فوجد نفسه ملزما بخرق حالة الحظر والعزل المفروضة عليه ، فخرجت طلائع الشباب تقود الشعب إلى ثورة سلمية معلنة أهدافها بـــ(إسقاط النظام ، وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة) ، وكان شباب الثورة بما فيهم شباب الأحزاب يعي هذه المطالب تماما ففي حين حاولت قوى المعارضة حينها أن تثني شبابها عن مطالبهم لم يكن ذلك مجديا كنها مرتبطة بعملية سياسية مع النظام ولو لم يكونوا مستوعبين لتلك المطالب لكانوا توقفوا عند حسابات أحزابهم ونتذكر جيدا تثاؤب تلك القوى السياسية في موقفها من الثورة و حينما كانت تحاول تكريس مطالب وشعارات أخرى بديلة لإسقاط النظام بــ(الإصلاح الجذري الشامل ….الخ) ونتذكر الضغوطات والوساطات التي تعرض لها شباب الأحزاب حينها .. كالمناضلة أ/توكل كرمان، وغيرها من باقي شباب الأحزاب.
فقد كان شباب الثورة مدركين لحقيقة اختلال المنظومة السياسية حيث لم تعد قادرة على الإنتاج وتفتقر للحياة والديناميكية، ولو لم يكن ذلك لما أصبحوا محل استهتار واستخفاف من سلطة الحاكم الفرد، ولما اتجهوا إلى الاحتماء بالقبيلة.. حيث كان الأحرى إدماج القبيلة في العمل السياسي لا العكس (اللجنة التحضيرية للحوار الوطني نموذجا) في حين كان معظم الشعب خارج تلك المعادلة، كنا كشباب حاضرين فيما يعتمل وتعاطينا مع ذلك ولكن كتكتيك – تحصيل حاصل – لكن الأحزاب ليس مبرر لها ذلك مطلقا لو أنها أحزاب بالفعل.
الخارج لم يكن يغيب عنه ما يدور وكان يدرك ذلك ، وهو الأخر يعلم طبيعة القوى السياسية في اليمن ومدرك أيضا لتفاصيل مسار العملية الثورية وكيف تعاطت معها هذه القوى ، ونحن نؤكد كشباب إذ كان تعاطينا مع دور المجتمع الإقليمي والدولي على أساس دوره في التحول السلمي الديمقراطي ، وإن كانت هناك تسويات شريطة أن تتم على قاعدة التغيير بمعنى أن أية تسويات لابد أن تكون بين المنظومة السياسية ومطالب الشعب وهكذا ظل يقدم نفسه .. لكننا اصحبنا نراه اليوم مهرولا مع أطراف الأصولية السياسية متغنيين بإنجاز تسوية (الاحتواء والمحاصصة) الوفاقية بعيدا عن التغيير بعيدا عن الشعب وقواه الحية وهو الأمر الذي لاستوعب مآلاته الدور الإقليمي والدولي كما يبدو!!
حين انه يعلم كما هي قناعتنا بأن هذه القوى السياسية المسماة(أحزاب) ليست سوى أدوات حكم تقليدية لا يعول عليها إطلاقا في تحقيق مطالب الشعب ببناء دولته الديمقراطية الحديثة، حيث جميعها تقريبا أسيرة ماضيها وحتى التي فقدت الايدولوجيا عادت لتتقوقع وفق خلفيات (شللية وأسرية) أي أن المنظومة السياسية تعاني اختلالا موضوعيا لا تغدو معه قادرة على القيام بدورها كأدوات منتجة لمشروع وطني دينامكي حديث يتجاوز كل حسابات الماضي و يستوعب كل المتغيرات.
لقد مضى الخارج نحو تكريس حضور الأدوات الماضوية التي أنتجت كل الإشكالات والتعقيدات التي طالما أثقلت كاهل الشعب ، وكان الأحرى بخصوص مؤتمر الحوار أن تكون نسبة تمثيل الشباب 50%على الأقل كونهم الطرف الأساس في المعادلة أما كل هذه القوى فكانت في ماراثون حواري منذ مطلع التسعينيات حتى انطلاق مسيرة الثورة الشبابية الشعبية ، وكثيرا ما كان يفضي إلى تسويات بين أطراف النفوذ التاريخي.
فماذا يعني تدافع الترسانة المعجًزة في قوائم التمثيل لهذه القوى والتي تجاوزت عمرها الافتراضي أو اقتربت منه؟ أليس هذا عارا وعيبا؟! عن أي مستقبل سيتفاوضون؟
نسأل هنا السيد / جمال بن عمر ومن خلفه كل المجتمع الدولي ماذا عن تدافع الأســر و العوائل التي قدمت إلى مؤتمر الحوار؟! ماذا عن دور اللجنة الفنية في هذا الأمر؟! أين هي النقاط العشرين ؟!ماذا تسييس الوظيفة العامة؟ ليتحول وفاق الشراكة إلى وفاق التقاسم!!
ربما نقبل بشاعة هذا السلوك الذي تنتهجه أطراف الأصولية السياسية المختلة التي تم تكريسها كأطراف للتسوية بفعل الغطاء الدولي واستحضاره لها ..فقط لأننا ندرك سلفا بأن لا وجود لمؤسسات سياسية أصلا.. ولكن ما ليس مقبولا من المجتمع الدولي الصمت والتعاطي مع ما يتم!! وتوفير الغطاء له.
ومما هو معلوم أن هذه القوى السياسية بعيدة عن التغيير ولم تستوعب بعد طبيعة الحاجة له ربما فقط تفهم التغيير المشاركة في السلطة وان تتقاسمها وتتوزعها لا أكثر، عن أي تغيير تتحدث هذه الأحزاب في الوقت الذي نجد منصبا معينا في أي حزب منها ..مرتبط بجغرافيا معينة!! وجماعة أو أسرة!! وهكـــذا تتم المحاصصة في السلطة الوفاقية وعلى مستوى كل طرف يستأثر بالمناصب وبالوظيفة العامة بنفس الآلية(توزيع نفوذ) في سياق الأصولية السياسية، وما يتم ليس له علاقة بالتغيير ومطالب الشعب إطلاقا.
وعليه إننا كشباب ننتمي لهذا الوطن ولطليعة أبنائه المناديين بالتغيير نؤكــد للمجتمع الدولي والإقليمي أن بقاء الشباب كقوة فاعلة خارج المعادلة ليس سوى تدعيم للفساد السياسي وترحيل للتأزم ليكون انفجارا قادما لاشك ، ونطالب كل الأطراف الدولية الراعية والمهتمة بالشأن اليمني بمراجعة حساباتهم والى أي مدى هم جادون في الانحياز لمطالب الشعب في تحقيق طموحاته المنشودة التي ضحى من اجلها ، لقد كان منطق المبادرة الخليجية بتشكيل حكومة وحدة وطنية تقوم على مبادئ الحكم الرشيد.. ولم نرى سوى حكومة تقاسم في ظل غياب تام للرقابة وكل شيء يتم تجاوزه على مقصلة (الوفاق الوطني) وأصبحنا نرى بأن حشد الإمكانيات والمساعدات الدولية لا تجد طريقها نحو الجدوى الوطنية ولا تؤدي إلى إنعاش العملية الاقتصادية وكثيرا ما تتجه إلى مآلات الفساد الوفاقي الجديد بما ينمي خريطة أوسع للفساد مما كانت عليه سابقا
قضايا المعتقلين والشهداء والجرحى ، قوافل المسرحيين والمقصيين من أعمالهم شمالا وجنوبا لدواعي سياسية وكان يفترض أن تكون لهم الأولوية ولكن أطراف الوفاق مشغولين بالمهاترات حول التقاسم والاستحواذ،كما أن الخارج ورعاة التسوية ليسوا معنيين بهذه القضايا كما يبدوا!!
هذه حقيقة التسوية التي يوفر لها الجانب الإقليمي والدولي الغطاء الكافي بعيدا عن تطلعات التغيير ومبادئه ..بمعزل عن القوى الشبابية الحية في المجتمع.
إننا نرى خطأ الدور الإقليمي والدولي كما لو انه مازال يسير وفق اعتباراته السابقة باحثا عن نخب نافذة بعيدا عن الشعوب وقواها الحية صاحبة الحق في صناعة التحولات دون الاستفادة من تقديراته الماضية لكنه سيعلم هذا الخطأ عندما تنفجر هذه القنابل (تكريس الفساد السياسي – إقصاء القوى الحية في المجمع عن دورها – تزييف النهج الديمقراطي – احتواء التغيير)و التي يتم ترحليها لتتحول إلى نفايات وعلى رأسها القوى الشبابية التي تجاوزت حصار الماضي متجهة نحو المطالبة بالتغيير ليتم استلابه منها والالتفاف عليها وبغطاء إقليمي ودولي.